دعني اخبرك أمرا..
في الإمبراطورية الصينية قبل أربعة ألاف عام من الآن وضع رجال التربية فيها نظاما دقيقا لاختيار الأفراد الموهوبين لتولي الأعمال القيادية في الإمبراطورية .
وفي الحضارة اليونانية قبل 2400عام تقريبا تنبه أفلاطون إلى هذه الفئة وضرورة التعرف عليها بصورة مبكرة وطالب بأن تخصص لهم أنماط خاصة من التعليم حتى يمكن توفير القيادات الفذة التي ترعى شئون الدولة المختلفة.
وفي عهد الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر تم أول مسح سكاني لاكتشاف الموهوبين والمتفوقين في الفلسفة والعلوم والفنون العسكرية لإعدادهم وتدريبهم لتولي الأعمال والمناصب القيادية .
وفي عهد الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر تم أول مسح سكاني لاكتشاف الموهوبين والمتفوقين في الفلسفة والعلوم والفنون العسكرية لإعدادهم وتدريبهم لتولي الأعمال والمناصب القيادية .
والسيرة النبوية ترجمة حية لمنهج التربية الإسلامية في رعاية الموهوبين ، فمن دوافع الهجرة من مكة إلى المدينة ـ غير ما يُعرف من أسباب ـ تجميع الطاقات المسلمة المشتتة والمعطلة في بيئاتها بحيث يسهل الاستفادة منها لخدمة الجماعة المسلمة في المدينة ، لذا فإن الصورة المثالية التي كانت فيها دولة الإسلام بالمدينة كان من أهم أسبابها ـ بعد التربية النبوية ـ احتوائها لطاقات ومواهب إبداعية فذة كانت معطلة في صحراء العرب القاحلة فلما أعطيت الفرصة للإبداع والابتكار في ظل الرعاية النبوية خرجت هذه الطاقات الإبداعية بأفكار أثمرت بشكل ملحوظ في تبلور الشخصية الإسلامية وسرعة انتقال الأمة العربية من طور البداوة الذي كانت تعيش فيه إلى طور التمدن والحضارة .
وبذا تبين لنا الآن أننا آخر من تحدث عن رعاية الموهوبين؛ ورغم هذا فإن الحديث عن رعايتهم لا يزال يكتنفه الريبة والتردد، ولست أدري إلى متى تكون أبعد نقطة نراها هي تحت أقدامنا ؟
إن العالم الغربي يزيد من هوة المسافة بيننا وبينه كل يوم بل كل ساعة رغم أن الحقيقة التي يعترفون بها أنهم يتقدمون بعقول غيرهم.
إن صلاح الفرد المسلم هو صلاح الأمة كلها ومصدر رقيها وتقدمها، وهذا الصلاح لا يتأتى عفوا؛ وإنما بتدبير وتدبر وجهد وسعي دءوب تتكاتف فيه الأفراد والجماعات للنهوض بالفرد وبلوغه هذا الصلاح، ومعيار التفاضل والتنافس بين الأمم يكمن في مقدار أخذها بيد أفرادها؛ بعقولهم؛ بمشاعرهم؛ بمواطن إبداعهم والارتقاء بهم ليكونوا دعامة بناءها ومصدر قوتها ورقيها وتقدمها.
ومن هنا تبرز لنا وظيفة التربية في الأمم ودورها في تكامل بناء الفرد منذ الطفولة وحتى الشيخوخة ليكون دائما قوة دافعة ومصدر بناء، ودورها في إعداد العلماء والمفكرين والمبدعين؛ فهؤلاء يمثلون دائما عقل الأمة المفكر ونبضها الحساس؛ وهم أيضا من يقودون عمليات التغيير والتطور والتجديد، وبدونهم تصبح مخططات الأمم أحلام تجيش في الصدور لا ترتقي لأن تكون واقعا حيا .
ومن هنا أيضا يتضح لنا مدى الحاجة إلى العناية بالموهوبين والمبدعين في مختلف المجالات، فالأشخاص الموهوبين ثروة أساسية كبرى وكنوزا ثمينة يجب الاهتمام بهم ورعايتهم بهدف توجيههم لخدمة المجتمع وتطوره.
أسامة عبد العظيم
إرسال تعليق