أحدث الكتب

السبت، 13 فبراير 2016

تحميل كتاب: السيرة النبوية منهاج حياة pdf



اسم الكتاب: السيرة النبوية منهاج حياة 

اسم المؤلف: أسامة عبد العظيم






من الكتاب: 


كان ميلاد النبي rإيذانا ببدء ثورة شاملة في الاجتماع الإنساني كله، ثورة شملت كل مجالات الحياة فحرّرت الإنسان من عمية الجاهلية، وحررت الزمان بديمومة رسالته إلى قيام الساعة، وحررت المكان بعالمية دعوته، ثورة أوقفت مد الجاهلية الذي طغى على كل صور الحياة، فغلب على طباع الأحياء، ثورة قوّضت من حكم طواغيت البشر وتشريعهم في الناس حسب أهوائهم، ثورة غيّرت حياة البشر، كل البشر، من آمن بالنبي rوصدّقه، ومن كفر به وكذّبه، ثورة عمّت الاجتماع الإنساني كله، تُنهي به حقبة مظلمة سوداء إلا وميض من أنوار النبوة قبله، وتبدأ به حقبة جديدة في عُمر الحياة ومنهج الأحياء، ثورة حرّرت الاجتماع الإنساني كله من عبادة العباد إلى عبادة خالقهم، من قيود الدنيا وضيقها إلى سعة الآخرة ونعيمها، من جور الطواغيت وبطش الجبارين إلى عدل الإسلام ورحمته، ثورة حرّرت عقل الإنسان من الخرافات والأكاذيب وقادته إلى التفكير والتأمل، فبقليل تأمل لحركة التاريخ قبل وبعد ميلاد النبي r يتبين حجم التغيير الذي طرأ على الاجتماع الانساني كله ليكون مبعثه حدث فاصل في تاريخ البشرية قاطبة، لم تشهده من قبل، ولن تشهده من بعد .

إن التاريخ الإنساني كله لم يشهد ميلاد رجل غيّر شكل الحياة فيه مثل رسول الله r، والتاريخ كله لم يعرف نبيا ولا  قائدا ولا زعيما ولا مصلحا استوعب في صفاته العقلية والنفسية والخلقية والخُلقية والدينية والروحية والقيادية والاجتماعية والإدارية والعسكرية والتربوية ما استوعبته شخصية النبي r، وما اختصه الله به من الفضائل التي تشرق في كل جانب من جوانبها؛ لتضيء ظلمات الحياة، وتنير طريق الأحياء، تنقذ العقول من حيرتها والقلوب من تيهها؛ لترد للنفس سموها ورقيها.

لقد جاء النبي rفي وقت كانت فيه البشرية على حافة الهاوية، في مفترق طُرق، ومفاصلة حقيقية بين ماض ملوث بصنوف الشرك والبدع والخرافات، ومستقبل يفتقد المنهج الذي يأمن للأحياء حياة كريمة، فغدت البشرية كلها بحاجة ماسة إلى رسالة تعيد إليها رشدها بعدما سادها العوج والفوضى.

لقد جاء رسول الله rعلى حين فترة من الرسل واندثار في العقائد، وقد حَكَمَ العالم المستبدون، وانتشرت الضلالة وعمّت الجهالة، وبلغت البشرية كلها أدنى درجات الانحطاط في العقائد، والعادات، والأخلاق، وأبشع صور الضلالة في تنظيم أمور الحياة وشئون الخلق، وتشتت في الأهواء وتفرّق في الأديان، فانتشر الشرك حتى غدا الخَلق في جاهلية ضارية، قد ضربت كل جوانب الحياة، لا يعرفون حقًّا للخالق، ولا رحمة بالمخلوق.

لقد جاء رسول الله rوقد نظر الله تعالى إلى البشر، كل البشر فمقتهم جميعا إلا بقايا من أهل الكتاب لا تقوى إلا على إصلاح نفسها

لقد جاء رسول الله rوقد بنى المصلحون والقادة والزعماء قصور آمالهم على كثبان من الرمال لا يقوى على حمل طموحات طفل صغير, لا بشرية شاردة عن وجهتها، فشمّر عن ساق الاجتهاد، واجتهد في دعوته وتبليغ رسالته، فانتقل من نصر إلى نصر، حتى استقام له الأمر وانتظم له عصره، فوحّد شتات العرب، وجعل منهم أمة تهابها كل الأمم، فدان لسلطانها ملوك العجم، وأضاءت شمس الإسلام في جميع الأمم، وشيد الإسلام حضارة لم تر مثلها عيون القرون، ولم يشهد نظيرها سجل البشرية الحافل بمختلف الحضارات عبر القرون .

لقد غيّر رسول الله rشكل الحياة وطبيعتها، وجاء برسالة الإسلام؛ ليعيد بناء العالم من جديد، وليجعل من العرب أمة تقود هذا العالم، ومن العرب رجل يقود هذه الأمة، ويُختم به النبيون.

إرسال تعليق

 
جميع الحقوق محفوظة © 2015 كتب مجانية

تعريب مداد الجليد